(... فخرج من صفة العمى ومشاركة أهل الهوى، وصار من مفاتيح أبواب الهدى ومغاليق أبواب الردى، قد أبصر طريقه، وسلك سبيله، وعرف مناره، وقطع غماره، واستمسك من العرى بأوثقها، ومن الجبال بأمتنها، فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس، قد نصب نفسه لله سبحانه في أرفع الأمور من إصدار كل وارد عليه، وتصيير كل فرع إلى أصله).
ثم وصف الفساق بقوله:
(وآخر قد تسمى عالما وليس به، فاقتبس جهائل من جهال وأضاليل من ضلال ونصب للناس أشراكا من حبائل غرور وقول زور، قد حمل الكتاب على آرائه، وعطف الحق على أهوائه، يؤمن الناس من العظائم، ويهون كبير الجرائم، يقول: أقف عند الشبهات وفيها وقع، ويقول: أعتزل البدع وبينها اضطجع) (1).
مكانة أهل البيت في الأمة والتشريع ثم أخذ (عليه السلام) يصف عترة النبي (صلى الله عليه وآله) بقوله: فأين تذهبون وأنى تؤفكون، والأعلام قائمة والآيات واضحة، والمنار منصوبة، فأين يتاه بكم، وكيف تعمهون وبينكم عترة نبيكم، وهم أزمة الحق، وأعلام الدين، وألسنة الصدق، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن، وردوهم ورود الهيم العطاش.
أيها الناس، خذوها عن خاتم النبيين " إنه يموت من مات منا وليس بميت، ويبلى من بلي منا وليس ببال " فلا تقولوا بما لا تعرفون، فإن أكثر الحق فيما تنكرون، واعذروا من لا حجة لكم عليه، وهو أنا، ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر وأترك فيكم الثقل الأصغر! قد ركزت فيكم راية الإيمان، ووقفتكم على حدود الحلال والحرام، وألبستكم العافية من عدلي، وفرشتكم المعروف من قولي وفعلي، وأريتكم كرائم الأخلاق من نفسي، فلا تستعملوا الرأي فيما لا يدرك قعره البصر، ولا تتغلغل إليه الفكر (2).
وفي آخر (... لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد، ولا يسوى بهم من جرت