فقال أنس: صدق الله وكذب الحجاج، قال تعالى * (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) * (1).
فترى الحجاج - في هذا النص - استخدم الرأي في إلزام الناس بغسل أرجلهم معللا بأنه أقرب شئ إلى الخبث، فجملة الإمام علي (عليه السلام) المارة آنفا " لو كان الدين بالرأي لكان باطن القدم أول من ظاهره، إلا أني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمسح على ظاهره " ناظرة إلى دحض مثل هذا الاتجاه الدخيل المتولد في خلافة عثمان بن عفان، ومثلها جملة أنس بن مالك، فهي ناظرة إلى دحض امتداد ذلك الاتجاه الذي شجعه الحجاج وأتباع السلاطين، ولا يفوتك أن قول أنس - وهو خادم النبي (صلى الله عليه وآله) في زمن متأخر جدا يدل دلالة واضحة على بطلان ما ادعي من نسخ حكم المسح بالغسل، إذ لو كان ثمة نسخ لما خفي على أنس بن مالك، وهو هو في قربه من النبي (صلى الله عليه وآله).
ومن هنا نفهم مقصود الرسول (صلى الله عليه وآله) حيث قال: تعمل هذه الأمة برهة بكتاب الله، ثم تعمل برهة بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم تعمل بالرأي، فإذا عملوا بالرأي فقد ضلوا وأضلوا (2).