وابن عباس (1).
وفي آخر قال له المنصور: هل أخذت بأحاديث ابن عمر؟
قال: نعم، قال المنصور: خذ بقوله وإن خالف عليا وابن عباس (2).
فترجيح رأي ابن عمر مع وجود كثير من الصحابة كان من سياسة الدولة العباسية، ومثله الحال بالنسبة إلى الأخذ بموطأ مالك.
نعم، إن السياسة هي التي سمحت للناس في الاعتراض على ابن عباس وعدم الأخذ بقوله، فجاء في جامع المسانيد والسنن: أن أهل المدينة سألوا ابن عباس عن امرأة طافت ثم حاضت؟ فقال لهم: تنفر، قالوا: لا نأخذ بقولك وندع قول زيد، قال:
إذا قدمتم المدينة فاسألوا، فقدموا المدينة فسألوا، فكان فيمن سألوا أم سليم، فذكرت حديث صفيه. (3).
وقد كان زيد قد سأل ابن عباس عن ذلك، إذ أخرج أحمد في مسنده عن طاووس قوله: كنت مع ابن عباس إذ قال له زيد بن ثابت: أنت تفتى أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها اليت؟
قال: نعم.
قال: فلا تفت بذلك!
فقال له ابن عباس: إما لا، فسل فلانة الأنصارية: هل أمرها بذلك النبي صلى الله عليه وآله؟
فرجع إليه زيد بن ثابت يضحك ويقول: ما أراك إلا قد صدقت (4). وليت من خالف ابن عباس من الصحابة لا يدعي أن ما عنده من قول أو فعل هو الصواب، مشعرا بذلك أنه عن الله ورسوله وملوحا أن ما عند ابن عباس وأمثاله - ممن لا يحكي إلا عن الله والرسول والقرآن - خطأ، فمن هاهنا ضاع ما ضاع من السنة.