وهذا النغم الرقيق واللحن الحنون، يمنحه السكن والطمأنينة، ومن ثم الخلود إلى الراحة والنوم.
هذه الرابطة القوية وما ينجم عنها من تأثير، تكون ضعيفة عندما يوضع الطفل على الارضاع الصناعي، ويكون الامر أسوأ من ذلك عندما يقوم على العناية بالطفل غير الام، كالخادمة، أو المسؤولة في روضة الأطفال أو أي شخص آخر، لان هذا الوضع يحطم كما يسمى بالاستمرار، أو الاستقرار الذي هو أكثر ما يحتاجه الطفل في سنواته الأولى كي يحقق تطورا انفعاليا سليما و " إن العلاقة الحكمية الشخصية الوثيقة بين الطفل وشخص ما - ذلك الذي يؤمن له الغذاء والدفء والراحة - تبدو هذه العلاقة وكأنها من أولى الضرورات، ومن الطبيعي ان يكون هذا الشخص هو الام.. " (1) وتلمس في هذه الأيام ردة إلى الثدي، بعد أن روج كثيرا للزجاجة، وللحليب الاصطناعي، الذي ملأت أنواعه الكثيرة واجهات المحلات قبل الصيدليات، وبعد أن لجأ الكثير من الأمهات إلى الحليب الاصطناعي ظنا منهن أن هذا من مظاهر الرقي والتقدم، أو حفظا على جمالهن وأناقتهن، أو أن الارضاع من الثدي عادة قديمة مضى وقتها، وما ذلك في الواقع إلا جهلا، أو خطأ، أو انجرافا وراء زخرف القول غرورا وجاهلية.
ولهذا يجب على الام الواعية، أن تحرص كل الحرص على أن تقدم لطفلها الغذاء الطبيعي الذي أعده له البارئ المصور أحسن إعداد، وأن لا تتخلى عنه إلا في حال وجود مانع لذلك. كما يجب أن تعلم الام أن انخفاض إدرار الحليب بعد الولادة مباشرة، أو فيما بعد يجب ان لا يدفعها للتوجه مباشرة للحليب الصناعي، فقد يكون ذلك النقص غريزيا ولمدة بسيطة ولمصلحة الرضيع. كما يجب عدم دعم الارضاع الطبيعي بالصناعي الذي يسمى بالارضاع المختلط، إلا عند الضرورة، فقد يؤدي لامتناع الطفل عن الثدي بسبب قلة إدرار اللبن من الثدي.