لنعد إلى الآية القرآنية: (خلق من ماء دافق، يخرج من بين الصلب والترائب). الماء الدافق هو ماء الرجل، أي المني يخرج من بين صلب الرجل وترائبه (أي أصول الأرجل) أصبح معنى الآية واضحا لان معظم الأمكنة والممرات التي يخرج منها السائل المنوي، والتي ذكرناها سابقا تقع من الناحية التشريحية بين الصلب والرائب، فالحويصلان المنويان يقعان خلف غدة الموثة " البروستات والتي يشكل إفرازها قسما من السائل المنوي " وكلها تقع بين الصلب والترائب، ويجب أن نذكر هنا أن هناك عدة آراء ونظريات حول وظيفة الحويصلين المنويين: فمنهم من يقول: بأن الحويصلين المنويين مستودعان لتخزين النطاف.
بالإضافة إلى وظيفتهما الافرازية، بينما النظرات الحديثة تقول: بأنه لا يمكن اعتبار الحويصلين المنويين مخزنا للنطاف، والمهم أنهما غدتين مفرزتين تشكلان قسما من السائل المنوي، وإفرازهما ذو لون أصفر غني بالفركتوز، كما أن لهما دورا إيجابيا في عملية قذف السائل المنوي للخارج على شكل دفقات بسبب تقلص العضلات الموجودة بهما (1) ولا يبقى أي إشكال في أن الآية الكريمة أشارت على وجه الاعجاز والموعظة، يوم لم يكن تشريح ولا مجهر إلى موضع تدفق المني من الانسان قبل أن يخرج إلى ظاهر الجسم، وإذا التفتنا إلى الناحية العصبية في بحثنا هذا، ومالها من أهمية، وجدنا أن الوصف الوارد في الآية الكريمة يمكن أن ينطبق عليها فتنسجم الصورة العصبية مع الصورة التشريحية الماضية تمام الانسجام، ويمكن إيضاح هذا المعنى على الوجه التالي: إنك حين تقول: " خرج الامر من بين زيد وعمرو " تريد بذلك أنهما اشتركا وتعاونا على إخراجه. وقوله تبارك وتعالى:
(يخرج من بين الصلب والترائب) يفيد بأن الصلب والترائب تعاونا كجانبين على إخراج المني من مستقره ليؤدي وظيفته وبهذا المعنى يصح أن نقول: (إن خرج من بين صلب الرجل كمركز عصبي تناسلي آمر، وترائبه كمناطق للضفائر العصبية المأمورة بالتنفيذ) حيث يتم بهذا التناسق بين الآمر والمأمور خروج المني إلى