الانسان ألذ من كفه وبنانه وكان في ذلك اليوم الذي شارف فيه طلائع العسكر المنصور باب عمان ثار من بعض المكامن طوائف من أولئك الكلاب فكبا ببعض الغلمان دابته فاختلسوه واقتسموه بينهم وأكلوه في الوقت وتعجب الناس من ضراوتهم وقساوتهم وقد أبادهم الله تعالى جده وطهر البر والبحر من عبثهم ومعرتهم فانقاد أهل جبال عمان باخعين بالطاعة معتصمين بذمة الجماعة وتمت نعمة الله على مولانا في هذا الفتح وكملت له مغانم الاجر ووصل أمس غنائم تلك الناحية وفيها فيل صغيره بقدر الفرس ما عهد ألطف ولا أظرف منه وفي الغنائم كل ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين والله تعالى يجني مولانا ثمار الأرض برا وبحرا سهلا ووعرا بمنه وكرمه آمين ومن كتاب له إلى ذي الكفايتين أبي الفتح فأما استبطاؤه لعبده في تراخي ما كان مستشرفا من جهته لعلمه من أخبار حضرة مولانا الملك وما عليه حاله في مساورة الاشفاق ومسامرة الأفكار إلى أن يعرف خبر الخيل المنصورة المصاحبة ركاب مولانا في سلامتها من وقدة تلك الهواجر ووعورة تلك المسالك وما تولى الله تعالى مولانا به من كفايته وأفاد عليه من ظل حفظه وحراسته فقد وقفت عليه وكنت طالعت حضرته بكتب جمة تقر بها العيون ويفاد بمثلها السكون وانتظرت بالشرخ حال الاستقرار واستجماع الدار ليكون ما أطالع به ناهضا بما أنحوه ومغنيا عما يتلوه من غير فكر في عوادي الاسفار وعواقب الحل والترحال إلى ما اعتمدته من التخفيف لتكافؤ الأحوال بنا وبه في المسير ومناصبة الهجير وأنا الان أعود لعادتي في خدمته واستعمار عهدي من رأيه بمواصلة حضرته ومن كتاب له إلى أبي إسحاق الصابي علمت كيف تنتظم فرق البلاغة وتلتقي طرق الخطابة وتتراءى اشخاص البيان وتتمايل أعطاف الحسن والاحسان وقرأت لفظا جليا حوى معنى
(٣٧٧)