العرب وعلت كلمتهم إلى أن بدرت منهم جفوة أحفظته فأسرى إليهم وأوقع بهم وملك حرمهم وأموالهم ثم صفح عنهم وكرم وجمع الحرم ووكل بهن الخدم وأفضل عليهن وأحسن إليهن فقال أبو الطيب من قصيدة (فعدن كما أخذن مكرمات * عليهن القلائد والملاب) (يثبنك بالذي أوليت شكرا * وأين من الذي تولي الثواب) (وليس مصيرهن إليك شينا * ولا في صونهن لديك عاب) (ولا في فقدهن بني كلاب * إذا أبصرن غرتك اغتراب) (وكيف يتم بأسك في أناس * تصيبهم فيؤلمك المصاب) (ترفق أيها المولى عليهم * فإن الرفق بالجاني عتاب) من الوافر هذا كلام ما لحسنه غاية (وعين المخطئين هم وليسوا * بأول معشر خطئوا فتابوا) (وأنت حياتهم غضبت عليهم * وهجر حياتهم لهم عقاب) (وما جهلت أياديك البوادي * ولكن ربما خفي الصواب) (وكم ذنب مولده دلال * وكم بعد مولده اقتراب) (وجرم جره سفهاء قوم * وحل بغير جارمه العذاب) كأنما اقتبسه من قول الله سبحانه «أتهلكنا بما فعل السفهاء منا» ونحو من هذا قول زياد في خطبته البتراء والله لآخذن المحسن بالمسيء (ولو غير الأمير غزا كلابا * ثناه عن شموسهم ضباب)
(٤٨)