بحطيطة المال عنه مقترنا بالكتب فلما عمل على المسير قال لغلامه سلم جميع ما بقي معك من نفقتنا إلى الراهب ليصرفه في مصالح الدير إلى أن نواصل تفقده من مستقرنا وسار وما له حسرة غيرك ولا أسف إلا عليك يقطع الأوقات بذكرك ولا يشرب إلا على ما يغنيه الغلام من شعرك وهو الآن بمصر على أفضل الأحوال وأجلها ما يبخل بتفقدي ولا يغب بري فتعجلت بعض السلوة بما عرفت من حقيقة خبره وأتممت يومي عند الراهب وكان آخر العهد به انتهى كلامه في بيان غرر من رسائله الموصولة بمحاسن شعره كتب إلى سيف الدولة يذكر منصرفه من بعض الغزوات ظافرا إلى الثغر ومقامه على ابن الزيات صاحبه وقد عصي وأخذه إياه وانكفاءه بعد ذلك إلى حلب الرياسة أيد الله سيدنا حلة مرموقة ومرتبة مرموقة يتفاضل الناس فيها بقدر الهمم وينالونها بحسب مراتبها من الكرم فما تدرك إلا بالسماح ولا تملك إلا بأطراف الرماح ولا تتقمص إلا بالحمد ولا تخطب إلا بلسان المجد فكل من أدركها طلبا واستحقها بأفعاله لقبا من غير الدخول لسيدنا تحت شرف التعبد ورق الإخلاص لا التودد فقد حرم نيل الكمال وعدل عن الحقيقة إلى المحال (لأنه الغاية القصوى التي عجزت * عن أن تؤمل إدراكا لها الهمم) (ما تستحق ملوك الدهر مرتبة * في الفضل إلا له من فوقها قدم)
(٣٠٢)