والآن حين أذكر ما ينعى على أبي الطيب من معائب شعره ومقابحه (ومن ذا الذي ترضي سجاياه كلها * كفى المرء فضلا أن تعد معائبه) ثم أقفى على آثارها بمحاسنه وسياق بدائعه وفرائده (فحسن دراري الكواكب أن ترى * طوالع في داج من الليل غيهب) 1 - فمنها قبح المطالع وحقه الحسن والعذوبة لفظا والبارعة والجودة معنى لأنه أول ما يقرع الأذن ويصافح الذهن فإذا كانت حاله على الضد مجه السمع وزجه القلب ونبت عنه النفس وجرى أوله على ما تقوله العامة أول الدن دردى ولأبي الطيب ابتداءات ليست لعمري من أحرار الكلام وغرره بل هي كما نعاها عليه العائبون مستشنعة لا يرفع السمع لها حجابه ولا يفتح القلب لها بابه كقوله (هذي برزت لنا فهجت رسيسا * ثم انصرفت وما شفيت نسيسا) من الكامل فإنه لم يرض بحذف علامة النداء من هذي وهو غير جائز عند النحويين حتى ذكر الرسيس والنسيس فأخذ بطرفي الثقل والبرد
(١٨١)