أي إنما تجب الحدود على البالغ وأنا صبي لم تجب علي الصلاة بعد ويجوز أن يكون قد صغر سنه وأمر نفسه عند الوالي لأن من كان صبيا لم يظن به اجتماع الناس إليه للشقاق والخلاف ومن شعره في الحبس ما كتب به إلى صديق له قد كان أنفذ إليه مبرة (أهون بطول الثواء والتلف * والسجن والقيد يا أبا دلف) (غير اختيار قبلت برك بي * والجوع يرضي الأسود بالجيف) من المنسرح يشبه قول أبي عيينة (ما أنت إلا كلحم ميت * دعا لي إلى أكله اضطرار) من مخلع البسيط رجع (كن أيها السجن كيف شئت فقد * وطنت للموت نفس معترف) (لو كان سكناي فيك منقصة * لم يكن الدر ساكن الصدف) ويحكى أنه تنبأ في صباه وفتن شرذمة بقوة أدبه وحسن كلامه وحكى أبو الفتح عثمان بن جني قال سمعت أبا الطيب يقول إنما لقبت بالمتنبي لقولي (أنا ترب الندى ورب القوافي * وسمام العدا وغيظ الحسود) (أنا في أمة تداركها الله * غريب كصالح في ثمود) من الخفيف وفي هذه القصيدة يقول (ما مقامي بأرض نخلة إلا * كمقام المسيح بين اليهود) وما زال في برد صباه إلى أن أخلق برد شبابه وتضاعفت عقود عمره يدور حب الولاية والرياسة في رأسه ويظهر ما يضمر من كامن وسواسه في الخروج
(١٤٢)