يتصوران بصورة يصورها بهما القانون فيتصالحان ويتوافقان معه على ما هو حكم التبعية فيعودان عاجلا أو آجلا رسوما ظاهرية فاقدة للصفاء المعنوي، ولذلك السبب أيضا ما نشاهده من لعب السياسة بالدين فيوما تقضي عليه وتدحضه ويوما تميل إليه فتبالغ في إعلاء كلمته، ويوما تطوي عنه كشحا فتخليه وشأنه.
وثالثا: ان هذه الطريقة لا تخلو عن نقص فإن القانون وإن حمل ضمان إجرائه على القدرة التي ركزها في فرد أو أفراد، لكن لا ضمان على إجرائه بالنهاية بمعنى أن منبع القدرة والسلطان لو مال عن الحق وحول سلطة النوع على النوع إلى سلطة شخصه على النوع وانقلبت الدائرة على القانون لم يكن هناك ما يقهر هذا القاهر فيحوله إلى مجراه العدل، وعلى هذا القول شواهد كثيرة مما شاهدناه في زمننا هذا وهو زمان الثقافة والمدنية فضلا عما لا يحصى من الشواهد التاريخية، وأضف إلى هذا النقص نقصا آخر، وهو خفاء نقض القانون على القوة المجرية أحيانا، أو خروجه عن حومة قدرته.
وبالجملة الاجتماعات المدنية توحدها الغاية الواحدة التي هي التمتع من مزايا الحياة وهي السعادة عندهم، ولكن الاسلام لما كان يرى أن الحياة الانسانية أوسع مدارا من الحياة الدنيا المادية بل في مدار حياته الحياة الأخروية التي هي الحياة ، ويرى أن هذه الحياة لا تنفع فيها إلا المعارف الإلهية التي تنحل بجملتها إلى التوحيد، ويرى أن هذه المعارف لا تنحفظ إلا بمكارم الأخلاق وطهارة النفس من كل رذيلة، ويرى أن هذه الأخلاق لا تتم ولا تكمل الا بحياة اجتماعية صالحة معتمدة على عبادة الله سبحانه والخضوع لما تقتضيه ربوبيته ومعاملة الناس على أساس العدل الاجتماعي أخذ (أعني الاسلام) الغاية التي يتكون عليها المجتمع البشري ويتوحد بها دين التوحيد ثم وضع القانون الذي وضعه على أساس التوحيد، ولم يكتف