فيه على تعديل الإرادات والأفعال فقط بل تممه بالعباديات وأضاف إليها المعارف الحقة والأخلاق الفاضلة.
ثم جعل ضمان إجرائها في عهدة الحكومة الاسلامية أولا، ثم في عهدة المجتمع ثانيا ، وذلك بالتربية الصالحة علما وعملا والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ومن أهم ما يشاهد في هذا الدين ارتباط جميع أجزائه ارتباطا يؤدي إلى الوحدة التامة بينها بمعنى أن روح التوحيد سارية في الأخلاق الكريمة التي يندب إليها هذا الدين، وروح الأخلاق منتشرة في الأعمال التي يكلف بها أفراد المجتمع، فالجميع من أجزاء الدين الاسلامي ترجع بالتحليل إلى التوحيد، والتوحيد بالتركيب يصير هو الأخلاق والأعمال، فلو نزل لكان هي ولو صعدت لكان هو، (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)، فإن قلت: ما أورد من النقص على القوانين المدنية فيما إذا عصت القوة التنفذية عن إجرائها أو فيما يخفي عليها من الخلاف مثلا وارد بعينه على الاسلام وأوضح الدليل عليه ما نشاهده من ضعف الدين وزوال سيطرته على المجتمع الاسلامي، وليس إلا لفقدانه من يحمل نواميسه على الناس يوما.
قلت: حقيقة القوانين العامة سواء كانت إلهية أو بشرية ليست إلا صورا ذهنية في أذهان الناس وعلوما تحفظها الصدور، وإنما ترد مورد العمل وتقع موقع الحس بالإرادات الانسانية تتعلق بها، فمن الواضح أن لو عصمت الإرادات لم توجد في الخارج ما تنطبق عليه القوانين، وإنما الشأن فيما يحفظ به تعلق هذه الإرادات بالوقوع حتى تقوم القوانين على ساقها والقوانين المدنية لا تهتم بأكثر من تعليق الافعال بالإدارات أعني بإرادة الأكثرية، ثم لم يهتموا بما تحفظ هذه الإرادة، فمهما كانت الإرادة حية