المخيم. فهجموا على المخيم وروعوا النساء والأطفال فخرجت الحوراء زينب ووقفت على التل، ثم نادت بصوت حزين يقرح القلوب: يا ابن أمي يا حسين، يا حبيبي يا حسين، إن كنت حيا فأدركنا، فهذه الخيل قد هجمت علينا، وإن كنت ميتا فأمرنا وأمرك إلى الله.
فلما سمع الحسين صوت أخته، قام ووقع على وجهه، ثم قام ووقع على وجهه ثانية، ثم قام ثالثة ووقع على وجهه عند ذلك صاح: يا شيعة آل أبي سفيان إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون. فنادى الشمر: ما تقول يا ابن فاطمة؟ قال أنا الذي أقاتلكم والنساء ليس عليهن جناح فامنعوا عتاتكم وأشراركم عن التعرض لحرمي ما دمت حيا.
قال الشمر: إليكم عن حرم الرجل واقصدوه بنفسه، فانكفأت الخيل والرجال على أبي عبد الله الحسين عليه السلام،.. وانتهى الشيخ من كلامه وبدأ يخطب.. ويتكلم والناس تضج وتبكي.. وهو يقول: وهم في طريقهم إلى الشام: نزلوا منزلا فيه دير راهب فرفعوا الرأس على قناة طويلة (رأس الحسين) إلى جانب دير الراهب. فلما عسعس الليل سمع الراهب للرأس دويا كدوي النحل، وتسبيحا وتقديسا. فنظر إلى الرأس، وإذا هو يسطع نورا قد لحق النور بعنان السماء، ونظر إلى باب قد فتح من السماء والملائكة ينزلون كتائب كتائب ويقولون:
(السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا ابن رسول الله).
فجزع الراهب جزعا شديدا وقال للعسكر: وما الذي معكم؟ فقالوا: