فإذا كان الأمر هكذا وأبو بكر لا يصلح لأداء آيات يسيرة عن النبي صلى الله عليه وآله في حياته، فكيف يصلح أن يكون خليفته بعد مماته ويؤدي عنه، وعلمنا من هذا أن عليا عليه السلام يصلح أن يؤدي عن النبي صلى الله عليه وآله.
فيا أيها المسلمون لم تتعامون عن الحق الصريح؟ ولم تركنون إلى هؤلاء وكم ترهبون الأهوال؟
أطرق الحنفي برأسه إلى الأرض ثم رفعه وقال: يا يوحنا والله إنك لتنظر بعين الإنصاف، وإن الحق لكما تقول، وأزيدك في معنى هذا الحديث، وهو أن الله تعالى أراد أن يبين للناس أن أبا بكر لا يصلح للخلافة، فلذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخرج عليا وراءه ويعزله عن هذا المنصب العظيم ليعلم الناس أن أبا بكر لا يصلح لها، وأن الصلاح لها علي عليه السلام فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله: لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك (1)، فما تقول أنت يا مالكي؟
قال المالكي: والله فإنه لم يزل يختلج في خاطري أن عليا نازع أبا بكر في خلافته مدة ستة أشهر، وكل متنازعين في الأمر لا بد وأن يكون أحدهما محقا، فإن قلنا إن أبا بكر كان محقا فقد خالفنا مدلول قول النبي صلى الله عليه وآله: (علي مع الحق والحق مع علي) (2). وهذا حديث صحيح لا خلاف فيه ونظر إلى الحنبلي ليرى رأيه.