محمد صلى الله عليه وآله واستخلف عليهم أخاه هارون وكان نبيهم أيضا وكانوا يحبونه أكثر من موسى، فعدلوا عنه إلى السامري، وعكفوا على عبادة عجل جسد له خوار، فلا يبعد من أمة محمد أن يعدلوا عن وصيه بعد موته إلى شيخ كان رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج ابنته، ولعله لو لم يرد القرآن بقصة عبادة العجل لما صدقتموها.
قال الأئمة: يا يوحنا فلم لم ينازعهم بل سكت عنهم وبايعهم؟
قال يوحنا: لا شك أنه لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله كان المسلمون قلة، واليمامة فيها مسيلمة الكذاب وتبعه ثمانون ألفا والمسلمون الذين في المدينة حشوهم منافقون، فلو أظهر النزاع بالسيف لكان كل من قتل علي بن أبي طالب بنيه أو أخاه كان عليه وكان قليل من الناس يومئذ من لم يقتل علي من قبيلته وأصحابه وأناسبه قتيلا أو أزيد وكانوا يكونون عليه، فلذلك صبر وشاققهم على سبيل الحجة ستة أشهر بلا خلاف بين أهل السنة، ثم بعدما جرى من طلب البيعة منهم فعند أهل السنة أنه بايع، وعند الرافضة أنه لم يبايع، وتاريخ الطبري (1) يدل على أنه لم يبايع، وإنما العباس لما شاهد الفتنة صاح: بايع ابن أخي.
وأنتم تعلمون أن الخلافة لو لم تكن لعلي لما ادعاها، ولو ادعاها بغير حق لكان مبطلا، وأنتم تروون عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (علي مع الحق والحق مع علي) (2) فكيف يجوز منه أن يدعي ما ليس بحق فيكذب نبيكم يومئذ؟!
وأما تعجبكم من مخالفة بني إسرائيل نبيهم في خليفته وعدولهم إلى العجل والسامري ففيه سر عجيب إنكم رويتم أن نبيكم قال: (ستحذون حذو