ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) * نزلت في علي بن أبي طالب. وأن الآية * (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) * نزلت في عبد الرحمن بن ملجم لأنه قتل عليا عليه السلام. فما لهذه النظرية تفرق بين صحابي وصحابي وتطبق على أناس ولا تطبق على الآخرين؟ ولا عاقل في الدنيا ينفي أن شتم علي وآله قد فرضته الدولة على كل رعاياها وأنهم قد شاركوا الدولة هذا الإثم رهبة أو رغبة.
دور الصحابة في التسنن والتشريع في عهد الصحابة والطبقة الأولى من التابعين كان دور الصحابة منحصرا على نقل أقوال الرسول وأفعاله، وكانوا يلاحقون الرواة للتأكد من صدقهم وبعضهم يستحلفه وأكثرهم يتجنب مرويات البعض لأن البعض كانوا يكذبون على رسول الله ودرة عمر بن الخطاب كانت لهم بالمرصاد.
فبعد أن كانت السنة لا تتعدى أقوال الرسول وأفعاله عند متقدمي الصحابة أصبحت في العصور التي تعددت فيها المذاهب، وتوزعت في العواصم وبقية الأقطار أصبحت هذه السنة تتسع لرأي الصحابي وفتواه، فإذا لم يجدوا نصا على حكم الواقعة في كتاب الله وسنة الرسول أصبحت آراء الصحابة في أحكام الحوادث التي كانت تعرض عليهم المصدر الثالث من مصادر التشريع بعد كتاب الله وسنة رسوله.
ولعل أئمة المذاهب الثلاثة وعلماءهم: الأحناف والمالكية والحنابلة أكثر تعصبا من الشوافع كما يبدو ذلك من تصريحاتهم ومجاميعهم الفقهية. ومع أن أبا حنيفة كان متحمسا للقياس ويراه من أفضل المصادر بعد كتاب الله فقد كان يقدم رأي الصحابي إذا تعارض في مورد من الموارد. وجاء عنه أنه كان يقول: إذا لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه، فإذا اختلفت آراؤهم في حكم الواقعة آخذ بقول من شئت وأدع من شئت، ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم من التابعين.
وجاء في أعلام الموقعين لابن القيم، أن أصول الأحكام عند الإمام أحمد خمسة: 1 - النص. 2 - فتوى الصحابة. وأن الأحناف والحنابلة قد ذهبوا إلى