فقتل الطفلين لا يقدم ولا يؤخر في ملك معاوية أو ملك ابنه. وهذا العمل بكل المقاييس عمل وحشي لا يمكن تبريره، فهل يعقل أن من يقوم بهذا العمل أو يأمر به من الصحابة العدول؟ وهل يعقل أن يدخله الله الجنة؟ نعم بالتقليد يقبل كل غريب ولكن وفق قواعد الشرع الحنيف فإنه غير مقبول. ومن هنا فإن واقع الحال وما جرى بعد وفاته (صلى الله عليه وآله وسلم) ينقض نقضا كاملا نظرية كل الصحابة عدول لأن ما جرى يناقضها. وما وجدت هذه النظرية أصلا إلا لغايات سياسية، كما سنثبت ذلك ولتغطية الخروج على الشرعية ولتبرير توسيد الأمر لغير أهله والله غالب على أمره ثم تناقل الناس هذه النظرية تقليدا كتناقل الأزياء.
4 - نظرية عدالة الصحابة تتعارض مع روح الإسلام العامة ومع حسن الخاتمة ومع الغاية من الحياة نفسها فالله سبحانه وتعالى ما خلق الموت والحياة، وما خلق الأرض وما عليها إلا ليمتحن خلقه أيهم أحسن عملا، بدليل قوله تعالى:
* (إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا) * (سورة الكهف) * (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا) * (سورة الملك).
فالحياة وجدت لتكون ميدان اختبار للمكلفين، وكل ما في الحياة عنصر من عناصر عملية الاختبار، وتبدأ عملية الاختبار بالتكليف المرتبط بالعقل والتمييز وتنتهي بالموت. فإذا كان كل الصحابة عدول لا يجوز عليهم كلهم الكذب ومحكوم بنزاهتهم، وأنهم جميعا من أهل الجنة وأنه لا يدخل أحد منهم النار، فهم خارجون تماما عن عملية الابتلاء ولا داعي لامتحانهم، وهذا يناقض الغاية من حياتهم إذ في ذلك إيقاف لعملية الابتلاء الإلهية.
ثم إنها تناقض روح الإسلام العامة لأن الإنسان في خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، فقدر المسلم أن يكون ملتزما بأوامر الله حتى يتوفاه الله، وأي خلل بهذا الالتزام يخرجه من دائرة الإسلام ويجر عليه غضب الله بحجم هذا الخلل، والعبرة دائما بحسن الخاتمة. فلو أن مسلما التزم بأوامر الله