تخصيص الكتاب بعمل الصحابي لأن الصحابي العالم لا يترك العمل بعموم الكتاب إلا لدليل فيكون عمله على خلاف عموم الكتاب دليلا على التخصيص وقوله بمنزلة عمله (1). وما أبعد ما بين هؤلاء أهل السنة وبين أهل الشيعة القائلين بعدم جواز الاعتماد على السنة في مقام التشريع إلا إذا تأيدت بآية من القرآن لأن فيه تبيان لكل شئ، وقد نزل بلغة العرب، وبأسلوب يفهمه كل عربي، وذلك لأن السنة رواها عن الرسول جماعة يجوز عليهم الخطأ والكذب، وكانوا لا يقبلون مرويات بعضهم أحيانا ويعمل كل منهم بما يوحيه إليه اجتهاده، وقد تراشقوا بأسوء التهم واستحل بعضهم دم بعض (2).
ومهما كان الحال فأقوال الصحابة وآراؤهم واجتهاداتهم من أبرز أصول التشريع عند الجمهور بعد كتاب الله، وفي الوقت ذاته يخصصون بها عمومياته ويقيدون بها مطلقاته وكأنها وحي من السماء لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ومن المعلوم أن هذا الغلو في تقديس الصحابة الذي لا يختلف عن العصمة في شئ ويتسع للمنافقين وللمشركين الذين أرغموا على التظاهر بالإسلام.
وهذا الغلو في تقديس الصحابة قد تحول في الفترة التي ظهرت فيها المذاهب الفقهية لمحاربة التشيع لأئمة أهل البيت في فقههم وأصولهم وجميع تعاليمهم التي تجسد الإسلام في جميع مراحله وفصوله كما ورثوه عن جدهم عليه السلام (علي) وهو مدينة العلم.
وكان الأئمة عليهم السلام يقولون: " إذا حدثنا لا نحدث إلا بما يوافق كتاب الله وكل حديث ينسب إلينا لا يوافق كتاب الله فاطرحوه "، كما كان الإمام الصادق يقول: " حديثي حديث أبي. وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث