نظرية عدالة الصحابة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٩٣
الملة: " فلما تم لأبي بكر ما أراد من المشورة دعا عثمان خاليا - أي وحده - وقاله له: أكتب أما بعد، ثم أغمي عليه من شدة الوجع فكتب عثمان " فإني أستخلف عليكم عمر بن الخطاب ولم آلكم خيرا ". فلما أفاق أبو بكر من إغمائه قال لعثمان:
اقرأ علي، فقرأ عليه ما كتب فقال أبو بكر: أراك خفت أن يختلف الناس إن اقتتلت نفسي في غشيتي؟ قال عثمان: نعم. قال أبو بكر: جزاك الله خيرا عن الإسلام وأهله، وأقرها أبو بكر " (1)، تلك حقيقة بالإجماع.
الثانية: مرض عمر نفسه. قال طبيبه: لا أرى أن تمسي، فما كنت فاعلا فافعل فقال لابنه عبد الله: ناولني الكتف فمحاها، وقال من شدة الوجع: والله لو كان لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع، وكان رأسه في حجر ابنه عبد الله فقال لابنه: ضع خدي بالأرض، فلم يفعل، فلحظه وقال: ضع خدي بالأرض لا أم لك الويل لعمر ولأم عمر إن لم يغفر الله لعمر (2).
وبالرغم من شدة وجع أبي بكر فقد أوصى وكتب ما أراد، وبالرغم من شدة وجع عمر فقد أوصى وكتب ما أراد، ورتب أمر الشورى، واطمأن أن عثمان سيكون الخليفة، واطمأن أنه لا يسلط هاشمي على رقاب الناس حتى ولو كان ذا قوة وذا أمانة، ونفذت بدقة وصية الاثنين، وسمح لهما بقولها، وسمح لهما بالتوصية، وبالرغم من اشتداد الوجع بكل واحد منهما، فعندما كتب كل واحد منهما وصيته كان ما زال رسميا على رأس عمله خليفة للمسلمين ومن حقه أن يمارس عمله ما دام حيا أو لم يعزل.
تلك حقيقة مسلم بها بالإجماع وقول واحد لا خلاف عليه، فكيف يسمح لأبي بكر ولعمر بالتوصية وكتابة ما أراد، مع أن المرض قد اشتد بكل واحد منهما أكثر من اشتداده برسول الله (ص) ويحال بين الرسول وبين كتابة ما أراد!!.

(١) راجع تاريخ الطبري ج ٣ ص ٤٢٩ و ص 176 من نظام الحكم للقاسمي و ص 37 من سيرة عمر لابن الجوزي و ج 2 ص 85 من تاريخ ابن خلدون و ص 120 من كتابنا النظام السياسي في الإسلام على سبيل المثال فقط.
(2) راجع الإمامة والسياسة ص 21 - 31 والطبقات لابن سعد و ص 120 - 121 من كتابنا النظام السياسي على سبيل المثال.
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: مفهوم الصحبة والصحابة المقدمة 3
2 الفصل الأول: مفهوم الصحبة والصحابة 10
3 الفصل الثاني: نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة 19
4 الفصل الثالث: نقض النظرية من حيث الشكل 33
5 الفصل الرابع: نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة 59
6 الفصل الخامس: بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة 63
7 الفصل السادس: طريق الصواب في معرفة العدول من الأصحاب 69
8 الباب الثاني: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة الفصل الأول: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة 83
9 الفصل الثاني: الجذور السياسية لنظرية عدالة كل الصحابة 97
10 الفصل الثالث: ما هي الغاية من ابتداع نظرية كل الصحابة عدول 107
11 الفصل الرابع: الجذور الفقهية لنظرية عدالة الصحابة 115
12 الفصل الخامس: الآمال التي علقت على نظرية عدالة الصحابة 139
13 الباب الثالث: المرجعية الفصل الأول: المرجعية 151
14 الفصل الثاني: العقيدة 157
15 الفصل الثالث: من هو المختص بتعيين المرجعية 163
16 الفصل الرابع: مواقف المسلمين من المرجعية بعد وفاة النبي (ص) 169
17 الفصل الخامس: المرجعية البديلة 181
18 الفصل السادس: من هو المرجع بعد وفاة النبي (ص) 195
19 الباب الرابع: قيادة السياسية الفصل الأول: القيادة السياسية 213
20 الفصل الثاني: القيادة السياسية 221
21 الفصل الثالث: الولي هو السيد والإمام والقائد 231
22 الفصل الرابع: تزويج الله لوليه وخليفته نبيه 239
23 الفصل الخامس: تتويج الولي خليفة للنبي 247
24 الفصل السادس: بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة 257
25 الفصل السابع: المناخ التاريخي الذي ساعد على نجاح الانقلاب وتقويض الشرعية 271
26 الفصل الثامن: مقدمات الانقلاب 287
27 الفصل التاسع: مقاصد الفاروق وأهدافه 301
28 الفصل العاشر: تحليل موضوعي ونفي الصدفة 311
29 الفصل الحادي عشر: تجريد الهاشميين من كافة الحقوق السياسية 331