مجتهد وكلاهما في الجنة.
وما ينبغي أن ندهش عندما يطالب مروان بن الحكم بالخلافة وهو ابن الحكم بن العاص الذي كان محظورا عليه أن يدخل المدينة في زمن الرسول وأبي بكر وعمر، حتى تولى الخلافة عثمان فأدخله معززا مكرما واتخذ ابنه مروان رئيسا لوزرائه وزوجا لابنته.
لقد تداعت الفوارق بين التابع والمتبوع وبين المتقدم عند الله وفي الإسلام والمتأخر في موازين الله والإسلام، فالوليد بن عقبة يتأمر على الحسين بن علي والوليد يعظ وعلى الحسين أن يسمع وعظ هذا الواعظ، والوليد يصلي بالناس صلاة الصبح أربعا وهو سكران ويسأل المأمومين إن كانوا يرغبون بالزيادة، وبعد ذلك فإنه لا حرج أن يكون هذا الرجل إماما للحسين بن علي بن أبي طالب وأميرا عليه ومرجعا يمكن للحسين إذا أراد أن يسأله في أمور دينه ودنياه!!!.
4 - ظفر الغالب ونجاحه أصبح الغالب - أي غالب وأيا كان - هو الظافر، وهو سيد الموقف وهو إمام المسلمين ورئيس دولتهم وهو مرجعهم في كل الأمور الدينية والدنيوية وهو الحائز لكل وسائل القوة، بيده السيطرة الكاملة على كل موارد الدولة يعطي لمن يشاء ويمنع العطاء عمن يشاء، لا رقيب عليه إلا الله ومقدار دينه، وهو القائد العام لجيوش الإسلام يستعملها لتحقيق الأمنين الخارجي والداخلي ولتطويع الرعية رغبة ورهبة، وهو المسيطر سيطرة تامة على وسائل الإعلام، فلو شاء جعل الأبيض أسود ولو شاء جعل الأسود أبيض، ويمكنه بسيطرته على وسائل الإعلام أن يجعل القزم عملاقا وأن يحول العملاق إلى قزم، وتحول مؤيدوه إلى واجهة له بيدهم الحل والعقد، ومع الأيام أصبحوا مراجع، فهم يتبنون وجهة نظر الغالب ويستعملون وسائله المرجعية، فهم سادات المجتمع وهم الفراقد المتألقة، وإذا سار معهم أي واحد قادوه إلى نقطة الارتكاز ومحور الهداية - أي عين ما يراه الغالب - وعزف العامة على ذات الوتر، واتحدت الأمة على هذه الشاكلة، وكلما مضت سنة ترسخت هذه السنة وتوطدت، وكلما مر عقد ضربت جذورها في الأرض وأصبحت رأيا عاما وقناعة وعقيدة سياسية.