قال النبي: فقد نهيت أن أقتل أولئك) (1) وبعيد انتقال النبي إلى جوار ربه بقيت هذه الفئة - مؤمنها ومنافقها - متميزة من غيرها من فئات المجتمع الإسلامي معروفة بالوصف نفسه: (أصحاب محمد) أو (أصحاب رسول الله).
المنافقون والمرتزقة من الأعراب قوة كبرى بعد استسلام زعامة بطون قريش، وبعد فتح مكة وسقوط عاصمة الشرك بيد رسول الله، ويعد أن أغلقت جميع الأبواب في وجه المشركين وقيادتهم، ولم يبق إلا باب الإسلام، ولم يعد بإمكان أحد أن يجهر بشركه، ظهر النفاق في مكة وعلى نطاق واسع. ولما رأت القبائل العربية انهيار زعامة بطون قريش واستسلامها أدركت أن من الجنون استمرارها في عداوة محمد، وأدرك قسم من أفرادها أن محمدا " صادق وأنه نبي، وتظاهر القسم الآخر بهذه القناعة. وهكذا فشت ظاهرة النفاق في مكة وفي الكثير من الجماعات السياسية التي كانت متحالفة مع زعامة بطون قريش على حرب النبي وعداوته، ولم يفتش النبي سرائر الناس وقبل منهم ظاهرهم. وبما أن المدينة المنورة قد أصبحت عاصمة الدولة، ومركز الجاه والنفوذ والثروة، فقد صارت نقطة تجمع لرعايا الدولة. واختلط منافقو مكة ومنافقو القبائل الجدد بمردة النفاق في المدينة، واكتشفوا أنهم قوة كبرى، وصمموا على التعاون والترابط لنقض كلمة الإسلام من أصولها إن استطاعوا أو تغيير مسارها الصحيح على أقل تقدير من خلال زعامة بطون قريش المعقدة من النبوة الهاشمية وفكرة الملك والخلافة الهاشمية. لقد فهم المنافقون أن عليا " بن أبي طالب هو الولي الشرعي للأمة حسب ما أعلنه النبي وأن أحد عشر إماما " من ذرية النبي، ومن أولاد علي وأحفاده، سيتعاقبون على منصب الإمامة أو القيادة من بعد النبي وعلي.
وقد فهم المنافقون أن بطون قريش ال 23 مستاءة من التميز الهاشمي، وأنها ترفض رفضا " قاطعا " الترتيبات الإلهية التي أعلنها النبي والمتعلقة بقيادة