بالأحرى في حاجة إلى إمام يرشده ويوجهه إلى الطاعة ويقيم عليه الحد في الأمور التي قد يعصي فيها. وذلك كله على خلاف أهل السنة الذين لا يرون مانعا من تجويز، إمامة الفاسق كما تقدم. وإذا كان من لطفه أن بعث للناس نبيا معصوما عن الصغائر والكبائر. لا ينطق عن الهوى، يعلمهم الكتاب والحكمة. ويقضي بينهم ويحملهم على الطاعات. كان إذا من لطفه أيضا أن يترك للناس إماما معصوما لا يخطأ في الأحكام، ولا تجوز عليه المعاصي.
وإذا لم يكن الإمام معصوما، جاز له أن يضل الأمة في لحظة جهله وعصيانه، وكان أبو بكر يقول فيما اشتهر عنه: إن لي شيطانا يعتريني.
فإذا احتاجت الأمة إليه في اللحظة التي يعتريه فيها الشيطان. فمن المؤكد أن يضلها، ولم يبق الإمام عندئذ حجة لله على العباد. ولكان هو في تلك اللحظة في حاجة إلى من يحمله على الطاعة، أي إلى إمام آخر. وإذا جاز لهذا الأخير أن يخطأ أيضا، احتاج إلى إمام آخر. ويبقى هذا التسلل ساريا إلى لا نهاية. وهذا يناقض اللطف، لأن في التسلسل، تكرارا لنفس الثغرة، وهي جواز المعصية على الإمام وهذا يأباه البناء العقلائي، والعصمة هي أن يرتفع الإمام عن الدنايا، والامتناع عن إتيان كل القبائح عمدا وسهوا وعلى طول حياته.
لأنه لو جاز عليه أن يعصي الله في الصغيرة كيف يمتنع عن إتيان الكبيرة. وإذا كان يجهل صغيرة في الشريعة، فكيف يتسنى له الحكم في القضية التي تعرض عليه.
وإذا جاز عليه القصور في الأحكام والجهل ببعضها، علما أن الموضوعات والمسائل لا تتحدد بالعدد، ولا بالمكان والزمان. لم يكن بينه والجاهل الذي يعرض عليه المسألة، فرق في إدراك تلك المسألة. فتنتفي الحجة. وقد أورد لنا التاريخ نماذج من المسائل التي عجز الخلفاء عن حلها. واعترفوا بعجزهم. أو قالوا فيها بغير علم وخالفوا الشريعة.
وحيث إن الإمام هو أعلى مستوى في الأمة، من حيث المهمة الشرعية. كان ضروريا أن يكون هو الأفضل على كل المستويات. خلافا للسنة الذين رأوا جواز