الشأن يدرك مباشرة، لخول الله للبشر اختيار الرسل والأنبياء، والقرآن قد تحدث عن طبيعة المقاييس التي كان يملكها المشركون في اختيار جدارة النبي صلى الله عليه وآله فكانوا يرون مشيه في الأسواق وأكله الطعام، ينافي النبوة. كما رأوا في فقره ويتمه ما ينافي مقام الرسالة، وقالوا لولا ورد علينا رجل من القريتين عظيم، ولو أنزل الله علينا ملكا و. و..
وبسبب قصور المقاييس وضبابية المنظار الذي كان ينظر منه الإنسان إلى النبوة. كان من الطبيعي أن يستأثر الله باختيار أنبيائه. ونفس الشئ لما رأى بنو إسرائيل في اختيار الله للملك طالوت ما لا ينسجم مع مقاييسهم لمفهوم الملك فقالوا: (أنى يكون لنا الملك علينا ونحن أحق بالملك منه)، وهناك أسباب كثيرة، عقلية وشرعية، تجعل من هذا الاختيار أمرا مستحيلا:
1 - إن الدين شأن من شؤون الله. وإن الأجدر دينا، لا يمكن إن يكتشفه من هو دونه. ولذلك يلزم أن يختاره الله.
2 - إن الناس قد يرفضون الإمام لعدله وتقواه إذا أدركوا عدم ركونه إلى أهدافهم. وقد يختارون من يرون فيه لينا وانكسارا. وقد يميلون مع من يكسرهم إليه بالقوة. وتاريخ الخلافة كما سبق ذكره، كان دليلا قاطعا على ذلك.
3 - إن رسالة الرسول كما تركها، لا يمكنها حل مشكلات الناس في كل الأزمنة والعصور. وهي تحتاج إلى من يستخرج منها الأحكام، ويوفر لكل مشكلة حلا فقهيا حاسما. ولذلك يلزم أن يعين الله من هو أجدر بهذه المهمة حتى لا تبقى على الله حجة للذين لم يعايشوا الرسل. والمستوعب للأحكام الفقهية اليوم، يدرك أنها تكاد تخلو من الحسم، وليس من العقل، أن يترك الله دينه، لرأي من يختارهم الناس، على قصورهم. ولعل كل هذه التناقضات دليلا على الفراغ الذي تركته الإمامة في حياة المسلمين.
وحيث إن الإمام هو لطف من الله، يوجه الناس إلى طريق الطاعات، وينهاهم عن سلوك المعاصي ويقضي للمظلوم وينتصر من الظالم. ويقيم الحدود والفرائض، ويصدر الأحكام في المفسدين. فلو جاز أن يعصي - لكان هو