بعد أن حالوا بين مخيم الحسين عليه السلام وبين ماء الفرات، وأخذ منهم العطش مأخذه.. حمله يطلب له الماء وليحرك ضمائرهم ويثير إحساسهم الإنساني، فما كان منهم إلا أن صوبوا سهما نحو الرضيع فأردوه قتيلا، واستمر تساقط الشهداء من أصحاب الحسين عليه السلام وأهل بيته الواحد تلو الآخر. وكان الحسين عليه السلام آخر من استشهد في تلك المعركة الحاسمة، ولم يكتفوا بقتل سيد شباب أهل الجنة، بل احتزوا رأسه وفصلوه عن جسده، وحمل رأس الحسين ورؤوس أصحابه هدايا يقتسمها القتلة، ويرفعونها متوجهين بها إلى يزيد بن معاوية في الشام والذي لا يزال يصر بعض المسلمين على تسميته بأمير المؤمنين، ولا حول ولا قوة إلا بالله...!
وبعد سرد كل هذه الأحداث التي تبين بوضوح الأهداف السامية التي من أجلها قام الحسين عليه السلام بثورته، والتي وصفها الداعية الإسلامي الكبير الدكتور عمر عبد الرحمن بقوله: " إن استشهاد الحسين أعظم ألف مرة من بقائه على قيد الحياة ". إلا أنه وجد أيضا من ينتقص من قيمة هذه الثورة العظيمة لوقوعهم ضحية الإعلام الأموي المضلل - والذي حاول جاهدا تزوير التاريخ - ولوقوعهم ضحية التعصب المذهبي المقيت، فيضطرون بذلك إلى هذا التحريف الشائن كقول (شيخ الإسلام) ابن تيمية مثلا بما معناه: أن الإمام الحسين عليه السلام بثورته هذه، قد أحدث فتنة في أمة الإسلام بخروجه عن طاعة ولي أمر المسلمين!! وإذا سألنا شيخ الإسلام عن خروج معاوية من طاعة الإمام علي عليه السلام، فإنه يرى بأن ذلك كان فتنة بينهما ولا ذنب لهما فيها، وهكذا بالنسبة لخروج عائشة (رض) أيضا على الإمام علي عليه السلام.
وما هذه إلا صورة من صور محاولات التزييف المكشوف في تاريخنا الإسلامي، وإلا فكيف نفسر تجاهل معظم أهل السنة لهذه المأساة التأريخية، والتي يقتل فيها أبناء رسول الله صلى الله عليه وآله بأبشع ما يكون القتل والتعذيب، وقد سار على نهج معاوية وابنه يزيد سائر أبناءهم من ملوك