لآتينهم " (1).
ولقد فسر الإمام شرف الدين تصرف علي عليه السلام هذا بقوله:
(ولو أسرع علي إليهم في المبايعة حين عقدها، لما تمت له حجة ولا سطع لشيعته برهان، لكنه جمع فيما فعل بين حفظ الدين، والاحتفاظ بحقه في الخلافة، فالظروف يومئذ لا تسمح لمقاومة بسيف، ولا مقارعة بحجة) (2) وتظهر هذه الحقيقة جليا عندما سعى أبو سفيان إلى علي عليه السلام أكثر من مرة يحضه على الاستمساك بحقه في الخلافة قائلا:
" إن شئت لأملأنها عليهم خيلا ورجالا، ولأسدنها عليهم من أقطارها " (3).
ولكن الإمام عليه السلام كان يرفض هذا النوع من المساعدة في كل مرة، لأنه كان يعلم أن ما يقصده أبو سفيان هو إذكاء نار الفتنة وإشعال حرب لا يقوم بعدها للإسلام قائمة.
هل ألمح الرسول صلى الله عليه وآله باستخلاف أبي بكر؟
إن بعض من يستند بأحقية أبي بكر بالخلافة وإلماح الرسول صلى الله عليه وآله له بذلك إنما على رواية أخرجها ابن الجوزي بسنده عن علي عليه السلام: قال: " لما قبض رسول الله (ص)، فوجدنا النبي (ص) قد قدم أبا بكر في الصلاة، فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله (ص) لديننا، فقدمنا أبا بكر " (4). وهذه الرواية فيها كذب صارخ، فعلي عليه السلام الذين يدعون روايته لهذا الحديث هو الذي خالف أبا بكر ولم يبايعه إلا بعد ستة أشهر وقد تشيع حوله المخالفون من عظماء الصحابة كما مر، وعلى تقدير صحة الرواية فإنه يلزم أن يكون الإمام علي عليه السلام أول من يبايع.