وهكذا فإن الأئمة (أو الأمراء) الواجبي الطاعة والذين عدم مبايعتهم فيها ميتة جاهلية هم ليسوا أبو بكر أو معاوية أو السفاح وغيرهم.
رابعا: استخلاف عمر.
لما نزل بأبي بكر المرض دعى عثمان بن عفان وقال له: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد به أبو بكر بن أبي قحافة إلى المسلمين، أما بعد: فأغمي على أبي بكر، فكتب عثمان: أما بعد، فإني أستخلف عليكم عمر بن الخطاب ولم آلكم خيرا، ثم أفاق أبو بكر فقال: أراك خفت أن يختلف الناس إن أسلمت نفسي في غشيتي، قال؟ نعم، قال: جزاك الله خيرا عن الإسلام وأهله. وأقرها أبو بكر من هذا الموضع (1).
وكما يروى أيضا أن عمر كانت بيده الصحيفة التي فيها استخلاف أبي بكر له ويقول للناس: " أيها الناس اسمعوا وأطيعوا قول خليفة رسول الله إنه يقول: إني لم آلكم نصحا) (2).
وهكذا، فإنه كما لعب عمر بن الخطاب ذلك الدور الحاسم في تنصيب أبا بكر خليفة يوم السقيفة بتخويفه للناس وبأخذه منهم البيعة لأبي بكر بالشدة - كما مر إثباته -، مستغلا الانشقاق الذي حصل بين صفوف الأنصار وغياب أصحاب الخلافة الشرعيين لانشغالهم بتجهيز الرسول صلى الله عليه وآله لمثواه الأخير. فإن أبا بكر أيضا لعب نفس الدور، بتنصيب الخليفة عمر بعده، ولم يكلفه ذلك سوى حبرة قلم.
وبالرغم من شدة مرض أبي بكر أثناء كتابته تلك الوصية بل وإغمائه حينها، إلا أن أحدا لم يقل بأن أبا بكر كان (يهجر) فيما كتب، بينما لم يتردد الخليفة عمر ومن كان يؤيده برمي الرسول صلى الله عليه وآله بتلك الكلمة المؤلمة حين سألهم أن يأتوه بكتاب يكتبه لهم حق لا يضلوا بعده أبدا!!