نفاقا، ثم يعمل كل تلك الأعمال الخارقة والتي تصل لحد تسييره لجيوش المسلمين ضد بعضها البعض دون علم أحد فيه؟ وهل من المعقول أن يقع الإمام علي عليه السلام الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وآله: " أنا مدينة الحكمة وعلي بابها " ضحية لخدعة هذا اليهودي؟ لا شك أن من يقول بذلك قد ضل ضلالا بعيدا.
سابعا: موقعة صفين وتمرد معاوية:
بعد أن تم لعلي عليه السلام النصر في موقعة الجمل، توجه بجيشه لتصفية المعارضة التي يقودها معاوية بن أبي سفيان في الشام، وتلاقى الجيشان عند الفرات، وقد حاول الإمام إصلاح الموقف بالوسائل السلمية، إلا أن رد معاوية على الوفد الذي بعثه إليه الإمام كان: " انصرفوا عني فليس عندي إلا السيف " (1). وهكذا التحم الجيشان، وعندما لاحت تباشير النصر لصالح جيش الإمام عليه السلام، دبر معاوية " خدعة المصاحف "، فأمر جنوده برفع المصاحف على رؤوس الرماح والسيوف، ومع أن الإمام تصدى لكشف هذه المؤامرة التي يراد بها عرقلة النصر الذي كان وشيكا لصالح جيش الإمام علي عليه السلام، إلا أن المطالبين بإيقاف القتال في جيشه لم يستجيبوا لنداءاته المتكررة واضطروه إلى قبول التحكيم، ورغم معارضة الإمام الشديدة لاختيار أبو موسى الأشعري كطرفا ممثلا عن جيشه في التحكيم لضعفه ووهن رأيه، حيث قال لهم الإمام عليه السلام: " لا أرى أن تولوا أبا موسى الحكومة، فإنه ضعيف عن عمرو ومكائده " (2)، وكان علي قد عزل أبا موسى عن ولاية الكوفة أيضا. وقد كان هناك تخطيط مسبق لرفع المصاحف والتنسيق لذلك مع حركة موالية لمعاوية مندسة في جيش الإمام والتي عملت على المطالبة بقبول التحكيم واختيار الأشعري ممثلا في التحكيم، وقد جاءت نتائج التحكيم - كما توقع الإمام - لصالح معاوية حيث بدأ الأمر يستتب