وحقيقة هذه الحادثة: أن الآية السابقة قد نزلت قبل معركة بدر وتنديدا بالصحابة الذين فضلوا العير وما تحمله قافلة أبو سفيان على القتال، وذلك عندما استشارهم الرسول (ص) ليرى مدى استعدادهم ورغبتهم لقتال المشركين، فالنهي في الآية ليس في مطلق أخذ النبي (ص) للأسرى وإنما النهي عن أخذ الأسرى دون قتال المشركين كما كان يريد بعض الصحابة عندما استشارهم الرسول (ص) بأخذ القافلة منهم أو قتالهم. وكيف يعقل أن تكون هذه الآية التي تهدد الذين لا يريدون إثخانا في الأرض (أي القتال) قد نزلت تنديدا بالرسول (ص) وقد أثخن في المشركين وقتلهم شر قتلة! وقد قتل في تلك الموقعة سبعين من صناديد قريش.
أبو هريرة وكثرة روايته للحديث:
نظرا لكثرة ما رواه أبو هريرة من أحاديث، فقد ارتأيت إلقاء بعض الضوء على شخصيته، حيث أجمع رجال الحديث على أن أبي هريرة كان أكثر الصحابة حديثا عن رسول الله (ص)، على حين أنه لم يصاحب النبي (ص) إلا عاما وتسعة أشهر - أو ثلاثة أعوام حسب بعض الروايات - وقد احتوت صحاح أهل السنة على 5374 حديثا روى منها البخاري 446 حديثا أما أبو هريرة نفسه فيقول: " ما من أصحاب النبي (ص) أحد أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمر، فإنه كان يكتب ولا أكتب " (1)، وكل ما رواه ابن عمر 722 حديثا، لم يخرج منها البخاري سوى سبعة أحاديث، ومسلم 20 حديثا.
وأما سبب كثرة مصاحبة أبو هريرة للرسول (ص)، فقد أجاب هو نفسه عن ذلك عندما قال:
" يقولون أن أبا هريرة يكثر والله الموعد، ويقولون ما للمهاجرين