عباد الله بالإثم والجور، كان حقا على الله أن يكبه معه في النار " وكذلك قوله: " أيها الناس، إنهم أطاعوا الشيطان، وعصوا الرحمان، وأفسدوا في الأرض، وعطلوا السنن واستأثروا بيت أموال المسلمين، وحللوا حرمات الله، وحرموا ما أحله الله، وأنا أحق الناس بالانكار عليهم ".
وعندما علم الإمام الحسين عليه السلام بالنكوص والارتداد الذي حصل في الكوفة، جمع أصحابه وأهل بيته الذين كانوا بصحبته وصارحهم قائلا:
" قد خذلنا شيعتنا، فمن أحب أن ينصرف، فلينصرف، فليس عليه منا ذمام " فتفرقوا من حوله يمينا وشمالا، حتى بقي في أصحابه الذين جاؤوا معه من مكة والمدينة.
ولكن الإمام الحسين عليه السلام بقي مصرا على قراره وبنفس العزيمة التي انطلق بها من مكة المكرمة، وليس معه سوى أصحابه وأخوته وأبناءه وأبناء عمومته، ولا يتجاوز عددهم ثماني وسبعين، وقد كان لسان حاله يقول كما وصف أحد الشعراء: " إن كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي، فيا سيوف خذوني ". والتقى بالجيش الذي أرسله والي الخليفة الأموي يزيد على الكوفة " عبيد الله بن زياد " بقيادة عمر بن سعد، وكان قوامه اثنين وثلاثين ألفا كما في بعض الروايات.
وكان طبيعيا أن تمكن القوة جيش يزيد بن معاوية من قتل هذه الفئة القليلة العدد، وقد تجسدت في ذلك اليوم صورة مأساة أهل البيت ومظلوميتهم بأجلى صورها، وكأن يزيد بن معاوية في هذه المذبحة كان يدفع الأجر الذي سأله رسول الله صلى الله عليه وآله: " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ".
ولقد حدث التاريخ عن مشاهد وصور مأساوية يصعب على أحد وصفها على حقيقتها... ومن ذلك مأساة طفل رضيع هو عبد الله ابن الإمام الحسين عليه السلام، الذي حمله الإمام إلى المعسكر الأموي يطلب له الماء