ونقصد من ذلك أن كثرة مصاحبة النبي صلى الله عليه وآله لا تعني بالضرورة ارتفاع درجة إيمان المصاحبين، فبالإضافة إلى ما سبق من روايات بشأن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله، فقد روي عن أزواجه ما يشابه ذلك، إن لم يكن أبلى وأشد، فعن ابن عباس (رض) قال:
" لبثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي (ص) فجعلت أهابه، فنزل يوما منزلا فدخل الأراك، فلما خرج سألته فقال: عائشة وحفصة، ثم قال: كنا في الجاهلية لا نعد النساء شيئا، فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك علينا حقا من غير أن ندخلهن في شئ من أمورنا. وكان بيني وبين امرأتي كلام فأغلظت لي فقلت لها: وإنك لهناك، قالت: تقول هذا لي وابنتك تؤذي رسول الله (ص)! فأتيت حفصة فقلت لها:
إني أحذرك أن تعصي الله ورسوله " (1).
وعن عائشة (رض) قالت:
" كان رسول الله (ص) يشرب عسلا عند زينب ابنة جحش ويمكث عندها، فواطأت أنا وحفصة عن أيتنا دخل عليها فلتقل له: أكلت مغافير، إني أجد منك ريح مغافير. قال: لا، ولكنني كنت أشرب عسلا عند زينب ابنة جحش فلن أعود له، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدا " (2).
وعن عائشة (رض) أيضا قالت: " إن نساء النبي (ص) كن حزبين، فحزب فيه عائشة وحفصة وصفية وسودة، والحزب الآخر: أم سلمة وسائر نساء رسول الله (ص) " (3).