نقض وخالف ما عليه أهل السنة من اعتقاد بأن اختيار الخليفة يكون بالشورى، واشتراط الصلاح والتقوى فيه، لترى مدى الجرم الذي اقترفه معاوية بحق الإسلام والمسلمين، والذي تبعه على منهجه بقية خلفاء الأمويين والعباسيين والعثمانيين والذين يصعب تفريق غالبيتهم العظمى من حكام المسلمين الفسقة الفجرة في عصرنا.
وبعد موت معاوية سنة ستين للهجرة، تربع يزيد على سدة الحكم، فكان بلاطه بؤرة المجون والإثم، فهو وباعتراف جميع فرق المسلمين كان يحتسي الخمور علانية، ويشرب حتى الثمالة في السهرات الحافلة ومن أقواله المأثورة أشعارا ضحلة نذكر منها:
شغلتني الديدان عن صوت الاذن * وتعوضت عن الحور عجوزا في الدنان ولا غرابة في ذلك، فيزيد تربى على يد مربية مسيحية، وكان كما يصفه المؤرخون شابا أهوجا، خليعا، مستبدا، مترفا، ماجنا، قصير النظر، وفاقدا للحيطة، وقد روي عنه أيضا: أنه صلى مرة بالمسلمين صلاة الجمعة يوم أربعاء، وصلى بهم الفجر أربع ركعات بعد أن كان شاربا حتى الثمالة وغير ذلك الكثير الكثير مما ليس في هدفنا تبيانه، وإنما كان ذكرنا لتلك الانتهاكات ما هو إلا وسيلة لإلقاء الضوء على الظروف التي رأى فيها الإمام الحسين عليه السلام وجوب الانتفاضة والثورة مستهدفا إحياء الإسلام والسنن الدينية بعد أن أصبحت مهددة بالمسخ والفناء، ولم يكن هدف الإمام الحسين عليه السلام في ثورته الاستيلاء على الخلافة والسلطة، فهو يعلم أن حظوظ بني أمية في المحافظة عليها أوفر وخصوصا بعد نكوص أهل العراق ورهبتهم من الأمويين.
ويصرح الإمام الحسين عليه السلام في إحدى خطاباته بالقرب من كربلاء عن سبب انتفاضته بقوله: " أيها الناس، من رأى إماما جائرا يحلل حرمات الله وينقض عهد الله من بعد ميثاقه ويخالف سنة نبيه، ويحكم بين