ففي الصحابة مؤمنين أثنى الله عليهم في القرآن الكريم بقوله: ﴿لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة...﴾ (١)، فكما ذكر العلامة لطف الله الصافي بشأن هذه الآية: (إن الله تعالى قد خص الثناء بالمؤمنين فقط ممن حضروا بيعة الشجرة، ولم تشمل المنافقين الذين حضروها مثل عبد الله بن أبي وأوس بن خولى، فلا دلالة للآية على كل من بايع، ولا تدل على حسن خاتمة أمر جميع المبايعين المؤمنين، فالآية لا تدل على أكثر أن الله تعالى رضي عنهم بيعتهم هذه - أي قبلها منهم - ويثيبهم عليها، فرضى الله عن أهل هذه البيعة ليس مستلزما لرضاه عنهم إلى الأبد، والدليل على ذلك قوله تعالى بشأنهم: ﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله * يد الله فوق أيديهم * فمن نكث فإنما ينكث على نفسه * ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما﴾ (2)، فلو لم يجز أن يكون من المبايعين من ينكث بيعته وكان رضا الله عنهم إلى الأبد، لما كانت هناك فائدة لقوله تعالى: (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) (3).
وفي الصحابة من أخبر الرسول صلى الله عليه وآله بردتهم بعد وفاته، ومن ثم هلاكهم يوم القيامة من خلال الحديث التالي الذي أخرجه البخاري في صحيحه بسنده عن سهل بن سعد قال:
" سمعت النبي (ص) يقول: أنا فرطكم على الحوض من ورده شرب منه، ومن شرب منه لم يظمأ بعده أبدا، ليرد علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم. قال: لسمعته يزيد فيه، قال: إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما بدلوا بعدك، فأقول:
سحقا سحقا لمن بدل بعدي " (4).