بالربذة فقلت: ما أنزلك بهذه الأرض؟ قال: كنا بالشام فقرأت (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) قال معاوية: ما هذه فينا، ما هذه إلا في أهل الكتاب. قال: قلت: إنها لفينا وفيهم " (1)، وهكذا فقد عوقب أبو ذر بالنفي بالرغم من شهادة الرسول صلى الله عليه وآله له بالصدق عندما قال: " ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر " (2).
ويظهر من هذه الحادثة كيف تلاعب معاوية بتفسير القرآن من أجل التغطية على تبذيره لأموال الأمة التي ليس له أي حق فيها. والمصيبة أن البخاري قد أخرج في صحيحة بما يجعل من معاوية فقيها، فعن ابن أبي مليكة قال: " أوتر معاوية بعد العشاء بركعة وعنده مولى لابن عباس، فأتى ابن عباس، فقال: دعه فإنه قد صحب رسول الله (ص) " (3) وفي رواية أخرى: قال إنه " فقيه " (4)! وإذا علمت أن معاوية أمضى عشرين عاما كخليفة للمسلمين، وقبلها كواليا على الشام، فللقارئ أن يتصور عندئذ المدى الذي تمكن فيه معاوية التأثير في وضع ونقل أحاديث تنسب إلى رسول الله (ص) لتبرير أفعاله والتي بالرغم من كل الجهود التي بذلت للتغطية عليها، بقيت واضحة في كتب الحديث والتاريخ بصورة لا تبقي أي التباس في معرفة حقيقة هذا الخليفة والذين اعتبروه أيضا أميرا للمؤمنين!!
وخلق معاوية في الولاية والحكم له جذوره في عائلته السفيانية حيث قال أبيه لعثمان بعد عقد البيعة له: " يا بني أمية تلقفوها تلقف الكرة، فوالذي يحلف به أبو سفيان ما زلت أرجوها لكم ولتصيرن إلى صبيانكم " (5) وفي رواية أخرى بزيادة: "... فما هناك جنة ولا نار ". وفي ذلك ما يشير