عنى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة بمعناه وما قصد به وما خرج من أجله، وليس كل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كان يسأله ويستفهمه، حتى أن كانوا يحبون أن يجئ الأعرابي والطارئ، فيسأله - عليه الصلاة والسلام - حتى يسمعوا، وقال الإمام علي: وكان لا يمر بي من ذلك شئ إلا سألته عنه وحفظته (1). ويضاف إلى هذه الأصناف، الذين احترفوا الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عهده، حتى قام خطيبا فقال: من كذب علي متعمدا، فليتبوأ مقعده من النار).
ونظرا لاتساع الهوة في رواية الحديث بعد إبعاد أهل البيت عن مكانتهم في الذروة، اختلف الناس في الفتوى، حتى قال الإمام علي: (ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام، فيحكم فيها برأيه، ثم ترد القضية بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله، ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعا، وإلههم واحد، ونبيهم واحد، وكتابهم واحد، أفأمرهم الله - تعالى - بالاختلاف فأطاعوه؟ أم نهاهم عنه فعصوه؟ أم أنزل سبحانه دينا تاما فقصر الرسول عن تبليغه وأدائه؟ والله تعالى يقول: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) (الأنعام: 38)، وفيه تبيان كل شئ.
وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا، وأنه لا اختلاف فيه: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) (النساء: 82). إن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق، لا تفنى عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف الظلمات إلا به) (2).
ويشهد بعدم معرفة جميع الصحابة بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واختلافهم في الفتوى، ما رواه البخاري عن أبي هريرة أنه قال: (إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يشبع