تفرقوا) (آل عمران: 103)، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) (1) وحذر - تعالى - من عاقبة الاختلاف في الدين في أكثر من آية في كتابه الكريم، منها قوله تعالى: (إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) (الأنعام: 159)، قال المفسرون: أي إن الذين فرقوا دينهم بالاختلافات والانشعابات المذهبية بعد أن جاءهم العلم، ليسوا على طريقتك التي بنيت على وحدة الكلمة ونفي الفرقة، إنما أمرهم في هذا التفريق إلى ربهم فينبئهم يوم القيامة بما كانوا يفعلون، ويكشف لهم حقيقة أعمالهم، والآية عامة، تعم اليهود والنصارى المختلفين بالمذاهب والبدع من هذه الأمة.
وفي الوقت الذي أمرت فيه الدعوة الإلهية الخاتمة بعدم الاختلاف، أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالغيب عن ربة العليم المطلق، بأن الأمة ستختلف من بعده وسيتبع بعضها سنن اليهود والنصارى، قال صلى الله عليه وآله وسلم: (إن بني إسرائيل تفرقت إحدى وسبعين فرقة، فهلك إحدى وسبعون فرقة، وخلصت فرقة واحدة، وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة تهلك إحدى وسبعين وتخلص فرقة، قيل: يا رسول الله، من تلك الفرقة؟ قال، الجماعة، الجماعة) (2): أما اتباع سنن الأولين ففي قولة تعالى: (وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم * كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون) (التوبة: 68 - 69)،