النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأما اليوم فإنما هو الكفر بعد الإيمان) (1)، وقال: (إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون) (2)، وقال: (إن كان الرجل يتكلم بالكلمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيصير منافقا، وإني لأسمعها من أحدكم في المقعد الواحد أربع مرات) (3).
والطريق من توضيح النبي للفتن وهي في بطن الغيب إلى ظهور الفتن في عالم المشاهدة، طريق يخضع للبحث، بهدف اتقاء الفتن المهلكة، وحصار وقودها في دائرة الذين ظلموا خاصة، وعدم البحث في هذا الطريق يفتح أبوابا عديدة، منها مشاركة الذين ظلموا إذا رضي عن فعلهم، لأن الراضي عن فعل قوم كالداخل معهم، وقد جاء في الحديث الشريف: (المرء مع من أحب) (4)، وكما أن عدم البحث يلقي بالحاضر على الماضي، فكذلك يلقي به على ما يستقبله من فتن مهلكة. عن حذيفة أنه قال: (تعرض الفتن على القلوب، فأي قلب أنكرها نكتت في قلبه نكتة بيضاء، وأي قلب لم ينكرها نكتت في قلبة نكتة سوداء، حتى يصير القلب أبيض مثل الصفا، لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخرة أسود مربدا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا، إلا ما أشرب في هواه) (5). وما زالت في بطن الغيب أحداث وأحداث، لا ينجو منها العالم إلا بعلمه، وكذلك فإن هناك أحداثا إذا جاءت لا ينفع نفسا إيمانها يومئذ، لأنها لم تبحث على امتداد الطريق فأنتج ذلك عدم معرفة الحق على امتداد الطريق، ولما كان الحق عند هذه النفس يخضع لتحديد الأهواء، تسقط النفس في سلة الدجال التي تحتوي على جميع الأهواء، وما يستقبل الناس من آيات كبرى، جاء في قوله تعالى: