لكن الأمر يوحي وكأن هناك طرف ثالث هو أحق بهذا الأمر ويتسابق كل من الأنصار والمهاجرين لكي يفوت عليه الفرصة.
وليس هناك من تفسير لموقف عمر وتحالفه مع أبي بكر الطاعن في السن. ضد القطاعات الأخرى. سوى أن شخصية أبي بكر كانت تتيح له ذلك..
تتيح له أن يتسلقها لكي يحقق مآربه..
وتتيح له التحصن بها في مواجهة الآخرين..
وعمر لم يكن يجرؤ على ترشيح نفسه للخلافة بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) لأن الظروف غير ملائمة لكنه ناولها لأبي بكر ثم تناولها منه..
ولو كان عمر بهذه المكانة التي تضعه فيها الأحاديث لكان من الأولى له أن يتصدى لأمر الخلافة وهو القوي الشديد بدلا من رجل ضعيف كهل كأبي بكر..
ولو كان عمر بهذه المكانة ما ناطحته الأنصار وتطاولت عليه عندما خطب فيهم.
واحتد معه الحباب قائلا: لا تسمعوا مقالة هذا. وعندما قال له عمر: يقتلك الله. رد عليه: بل إياك يقتل.. وما أمسك قيس بن سعد بلحيته وهدده..
إن القوم بين أن يكونوا قد طغت عليهم القبلية فنسوا أخلاق الإسلام وتجاوزوها. أو يكونوا أصحاب مقادير متساوية ووزن واحد ولا يملك كل منها ما يرجح به كفته على الآخر من نصوص الشرع.
والراجح الأمرين معا..
وإذا كان عمر قد احتج على الأنصار بقوله: ولكن العرب لا تمتنع أن تولي أمورها من كانت النبوة فيهم. فإن هذا القول يوجب عليه التنحي مع صاحبه وإفساح الطريق أمام أهل بيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فإنهم أرقى بيوت قريش، فلا هو ولا صاحبه يمثلان بيتا راقيا في قريش. وهذا هو ما استفز أبو سفيان ودفعه لتحريض الإمام بقوله: ما بال هذا الأمر في أذل قبيلة من قريش وأقلها..
وتأمل تعليق ابن حجر على قول عمر لسعد بن عبادة: اقتلوه. قتله الله..