- (أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي).
وهكذا ثبت النبي صلى الله عليه وسلم للإمام علي جميع مراتب هارون من موسى، فهو إذن وزير النبي صلى الله عليه وسلم، وشادا أزره، ولولا أنه صلى الله عليه وسلم، خاتم النبيين، لكان الإمام شريكا في أمره.
ومنها (ثانيا) أن هذا الحديث الشريف، قد تكرر من النبي صلى الله عليه وسلم في مناسبات عدة، مما يدل على اهتمامه الخاص، وتأكيده الشديد، حتى صار نقله يرسل إرسال المسلمات في فضائل الإمام علي، بحيث لا تستطيع الدنيا حجبه.
ومنها (ثالثا) أن مضمون الحديث الشريف عام، وإعطاء المنزلة بهذا الشمول، منزلة هارون من موسى، وقد فصلها القرآن تفصيلا، وقد اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم الإمام علي بن أبي طالب، أخا له، وآثره بذلك على من سواه، تحقيقا لعموم الشبه بين الإمام علي وهارون عليه السلام.
ومنها (رابعا) أن الحديث الشريف قد أعطى للإمام بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم ما كان لهارون بالنسبة لموسى عليهما السلام - ما عدا النبوة - وقد أشارت معظم الروايات إلى ذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم (إلا أنه لا نبي بعدي) أو (لا نبوة بعدي)، ولا ريب في أن استثناء النبوة أمر لا بد منه، إذ لم يدع أحد أن عليا كان نبيا - سواء في حياة رسول الله أو بعد مماته - وإنما هو وصي رسول الله، خاتم النبيين، وهو سيد الوصيين، وأبو العترة الطاهرة المطهرة، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
ولا ريب في أن الحديث الشريف إنما يدل على أن الإمام علي بن أبي طالب إنما هو كف ء لخلافة النبي من بعده، وأنه قد خلفه على أمته - وإن ظلمه الناس - ولهذا يقول صاحب الدعوة صلى الله عليه وسلم للإمام علي: أنت مني كهارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي، وهكذا أخرج النبي صلى الله عليه وسلم النبوة الثابتة لهارون، وأبقي للإمام جميع ما لهارون.