ولا آخرته، قلت: ما هن؟ قال: حرمة الإسلام وحرمتي وحرمة رحمي.
هذا وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم، القرآن وعترته ثقلين، لأن الثقل كل نفيس خطير مصون، وهذان كذلك، إذ أن كلا منهما معدن للعلوم اللدنية، والأسرار والحكم العلية، والأحكام الشرعية، ولذا حث صلى الله عليه وسلم، على الاقتداء والتمسك بهم، والتعلم منهم، وقال: الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت، وقيل سميا (ثقلين) لثقل وجوب رعاية حقوقهما.
هذا إلى أن الذين وقع الحث عليهم من أهل البيت، إنما هم العارفون بكتاب الله وسنة رسوله، إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض، وهم الذين قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، وقد تميزوا بذلك عن بقية العلماء، لأن الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وشرفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة.
وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت، إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة - كما أن الكتاب العزيز كذلك - ولهذا كانوا أمانا لأهل الأرض، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي.
ولا ريب في أن أحق من يتمسك به، إمام أهل البيت وعالمهم، سيدنا ومولانا وجدنا الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه، وكرم الله وجهه في الجنة - لعلمه الغزير، ودقائق مستنبطاته، ومن ثم قال أبو بكر: علي عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي الذين حث على التمسك بهم، فخصه لما قلنا، وكذلك خصه صلى الله عليه وسلم، بما مر يوم غدير خم، والمراد بالعيبة والكرش، فيما سبق، إن أهل البيت موضع سر النبي صلى الله عليه وسلم، وأمانته، ومعادن نفائس معارفه وحضرته، إذ كل من العيبة والكرش مستودع لما يخفى فيه مما به القوام والصلاح، لأن الأول لما يحرز فيه نفائس الأمتعة، والثاني: مستقر الغذاء لما به النمو، وقوام البنية،