المالكي أو الشافعي، أو أحمد بن حنبل مع بعض مزاياهم التي يذكرونها؟ فلم يجبك بجواب تطمئن إليه النفس.
والسر في ذلك إن كل واحد منهم لم يكن نبي، أو وصي نبي وما كان يوحى إليهم، ولم يكونوا ملهمين، بل إنهم كسائر من ينتسب إلى العلم، وأمثالهم كثير وكثير من العلماء.
ثم إنهم لم يكونوا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وأكثرهم، أو كلهم، لم يدركوا النبي صلى الله عليه وآله، ولا أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فاتخاذ مذهب واحد منهم، وجعله مذهبا " لنفسه، والالتزام به وبآرائه التي يمكن فيها الخطأ والسهو - وكل واحد منهم ذوي آراء متشتتة يخالف بعضها بعضا " - لا يقره العقل ولا البرهان، ولا تصدقه الفطرة السليمة، ولا الكتاب، لا السنة، ولا حجة لأحد على الله في يوم الحساب، بل لله الحجة البالغة عليها، حتى أنه لو سأل الله من التزم بأحد المذاهب الأربعة في يوم القيامة، بأي دليل أخذت بمذهب هذا؟ لم يكن له جواب سوى قوله:
(إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) (1)!
أو يقول: (إنا أطعنا سادتنا وكبرائنا فأضلونا السبيلا) (2)!
فبالله عليك يا فضيلة الشيخ، هل يكون لملتزمي أحد المذاهب الأربعة يوم القيامة أمام الله الواحد القاهر جوابا "؟
فأطرق رأسه مليا "، ثم رفع رأسه، وقال: لا. فقلت: هل يكون