وإنما ذهب إلى عدم وصفه بالخالق والمخلوق، أما الأول فهو يشير من طرف خفي إلى الرد على من قال بأنه قديم، وأنه عبارة عن الكلام النفسي القائم بذات الله تعالى كما هو رأي الأشاعرة بعد ذلك، فإنه لو كان قديما لكان هناك إلهان اثنان، كما قال الإمام علي عليه السلام: " لو كان قديما لكان إلها ثانيا ".
وأما عدم وصفه بالمخلوق فهو وقوفا على ما ورد عن الأئمة من أهل البيت وفرارا وتنزيها مما يعطي لفظ مخلوق من معنى الاختلاق. يقول الصدوق: " قد جاء في الكتاب أن القرآن كلام الله وقول الله ووحي الله وكتاب الله ولم يجئ فيه أنه مخلوق، وإنما امتنعنا من إطلاق المخلوق عليه لأن المخلوق في اللغة قد يكون مكذوبا، ويقال: كلام مخلوق أي مكذوب " (1). وهذا أشبه بالنهي عن قول (راعنا) في قوله تعالى * (لا تقولوا راعنا ولكن قولوا انظرنا) * وذلك لأجل قطع الطريق على اليهود الذين يقولون ذلك، ويقصدون بها السب، لأن كلمة راعنا في اللغة العبرية تعطي معنى شريرنا (2).
ويوضح هشام رأيه في الموضوع فيقول: " وإنه على ضربين، إن كنت تريد المسموع فقد خلق الله الصوت المتقطع وهو رسم القرآن، فأما القرآن فهو فعل الله مثل العلم والحركة لا هو هو ولا غيره " (3).