(5) مع يحيى بن خالد البرمكي.
وحدث المفيد قال: ".. سأل يحيى بن خالد البرمكي بحضرة الرشيد هشام بن الحكم فقال له: أخبرني يا هشام عن الحق هل يكون في جهتين مختلفتين؟ قال هشام: لا. قال يحيى: فأخبرني عن نفسين اختصما في حكم الدين، وتنازعا واختلفا، هل يخلو من أن يكونا محقين أو مبطلين أو يكون أحدهما مبطلا والآخر محقا؟؟ قال هشام: لا يخلوان من ذلك، وليس يجوز أن يكونا محقين على ما قدمت من الجواب.
قال يحيى: فخبرني عن علي والعباس لما اختصما إلى أبي بكر في الميراث، أيهما كان المحق من المبطل؟ إذا كنت لا تقول أنهما كانا محقين ولا مبطلين. قال هشام: قال فنظرت فإذا أنني قلت بأن عليا عليه السلام كان مبطلا كفرت وخرجت عن مذهبي، وإن قلت أن العباس كان مبطلا ضرب الرشيد عنقي. ووردت علي مسألة لم أكن سئلت عنها قبل ذلك، ولا أعددت لها جوابا، فذكرت قول أبي عبد الله (الصادق) عليه السلام وهو يقول لي يا هشام (لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك). فعلمت أني لا أخذل، وعن لي الجواب فقلت له:
لم يكن من أحدهما خطأ، وكانا جميعا محقين، ولهذا نظير قد نطق به القرآن في قصة داود عليه السلام، حيث يقول الله جل اسمه * (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إلى قوله خصمان بغى بعضنا على بعض) *. فأي الملكين كان مخطأ وأيهما كان مصيبا؟ أم تقول أنهما كانا مخطئين، فجوابك في ذلك جوابي بعينه. قال يحيى: لست أقول أن الملكين أخطآ، بل أقول أنهما أصابا وذلك أنهما لم يختصما في الحقيقة، ولا اختلفا في