إنه يفكر وهو في غمرة الموت بأولئك الذي حبسوا من أجله من إخوانه وأصحابه، و يهتدي إلى الطريقة التي أوصى بها إلى بشير، وتمكن بها من إخراجهم من السجن. وكان ما أراد، وذلك منه آية الخير الذي يعمر قلبه وروحه الكبيرة الحية بالمثل الإنسانية الكريمة.
وصية الإمام موسى بن جعفر لهشام ومن الخير أن نذكر في ختام هذا الكتاب شيئا من وصية الإمام الكاظم موسى بن جعفر (ع) لهشام بن الحكم، وصفته للعقل، وهو ما ينسجم مع اتجاه هشام الفكري، وهي وصية طويلة جدا تكون رسالة مستقلة، نقتطف منها ما يلي:
"... يا هشام بن الحكم: إن الله عز وجل، أكمل للناس الحجج بالعقول، وأفضى إليهم بالبيان، ودلهم على ربوبيته بالإدلاء، فقال: * (وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم) *. * (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار) * إلى قوله * (لآيات لقوم يعقلون) *.
يا هشام: قد جعل الله عز وجل ذلك دليلا على معرفته بأن لهم مدبرا، فقال: * (وسخر لكم الليل والنهار، والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) *، وقال: * (حم. والكتاب المبين، إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) *. وقال: * (ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) *.