علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين. فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة، وتخلف عنها صاحبكم، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة. وقلتم وقلنا وقالت العامة: إن الشهداء أربعة نفر: علي بن أبي طالب، وجعفر وحمزة بن عبد المطلب، وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، فأرى صاحبنا قد دخل مع هؤلاء في هذه الفضيلة، وتخلف عنها صاحبكم، ففضلنا صاحبنا على صاحبكم بهذه الفضيلة. فحرك هارون الرشيد الستر، وأمر جعفر الناس بالخروج، فخرجوا مرعوبين، وخرج هارون إلى المجلس فقال: من هذا ابن الفاعلة، فوالله لقد هممت بقتله وإحراقه بالنار " (1).
* * * أما بعد فقد عرفت أن هشاما كان أحد أعلام الفكر والمعرفة في عهده، الذين دفعوا قافلة المعرفة الإسلامية إلى الإمام، وأن تأثيره بين المتكلمين ظل طويلا من بعده، وقد بقي جماعة يناظرون على مبادئه حتى عصور متأخرة، مثل أبي عيسى محمد بن هارون الوراق وأحمد بن الحسين الراوندي وغيرهما. وقد وضع هذا الأخير كتابه (فضيحة المعتزلة) وهاجم فيه الآراء الاعتزالية ورجالها مهاجمة شديدة، متكئا في كثير منها على آراء هشام، كما يظهر تأثره أيضا بآراء هشام في كتابه الذي وضعه في حدوث العلم. ونجد أثر ذلك في دفاع المعتزلة أنفسهم الذين عنوا بردها ونقضها، ومنهم بشر بن المعتمر من أفضل علماء المعتزلة كما يقول الشهرستاني، فقد وضع كتابا في الرد على هشام بن الحكم (1).