هذا يتحتم القول بالطفرة، إذ حركة القاطع لا تكون بمماسة كل جزء منه لكل جزء من المقطوع حتى يتأتى الإشكال بأن الأجزاء لا نهاية فكيف تقطع، إذ الحركة هي قطع المساحة لا قطع الأجزاء، وعليه يكون قطع الجسم من حيث مساحته طفرة من حيث أجزائه. على أن الاعتراض بما سبق إنما يرد بناء على القول بالقسمة الفعلية، كما يبدو من التجاء أصحاب هذا المذهب إلى القول بالطفرة.
ولكن قد عرفت فيما سبق أن المذهب المحكي عن هشام في الانقسام وصل إلينا مجملا لا تفصيل فيه من حيث كونه بالفعل أو بالقوة، عدا قوله بالطفرة الذي قد يدل على ذهابه إلى التجزؤ الفعلي، لذا اضطر إلى القول بها للإجابة على اعتراضات المعترضين وإلزامات الملزمين، ومع هذا فهو لا يعين رأيه في القسمة الفعلية على نحو الجزم، إذ من الجائز أن يكون قوله بالطفرة، ليس إلا مذهبا جدليا أدى إليه الجدال والمناظرة والانتقاد لرأي الآخرين، إذ كثيرا ما يلجأ الإنسان إلى افتراضات جدلية للإجابة على اعتراضات الخصوم في مقام الجدل والحوار، كما هو جائز أن يريد هشام من التجزؤ التجزؤ الوهمي الافتراضي لا إن كل جزء ينقسم فعلا إلى ما لا نهاية كما عزى ذلك إلى أرسطو.
(4): التداخل التداخل كما يفسره الأشعري كما سبق " هو أن يكون حيز أحد الجسمين حيز الآخر " (1). وهذه النظرية تحكى عن هشام