مثال ذلك: أن هشاما سأل جماعة من المتكلمين فقال لهم:
" أخبروني حين بعث الله محمدا (صلى الله عليه وسلم) بعثه بنعمة تامة أو بنعمة ناقصة؟ قالوا: بنعمة تامة، قال: فأيما أتم، أن يكون في أهل بيت واحد نبوة وخلافة؟ أو يكون نبوة بلا خلافة؟ قالوا: بل نبوة وخلافة. قال: فلماذا جعلتموها في غيرها؟ فإذا صارت في بني هاشم ضربتم وجوههم بالسيوف، فأفحموا " (1).
ومثال ثان: قال أبو عبيدة المعتزلي لهشام بن الحكم:
الدليل على صحة معتقدنا وبطلان معتقدكم كثرتنا وقلتكم، مع كثرة أولاد علي وادعائهم، فقال هشام: لست إيانا أردت بهذا القول، إنما أردت الطعن على نوح عليه السلام، حيث لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى النجاة ليلا ونهارا وما آمن معه إلا قليل " (2).
ولا أخال أن يخفى على أحد روح هذا الجدل وعنصره القوي في هذين المثالين الذي انهار معه أخصامه ولم يحيروا جوابا ولم يملكوا ردا.
4 - روح التعمق.
وتظهر آثار هذه الروح على قسم من حواره ومناظراته وأرائه، إنه يسير في ذلك سيرا منطقيا لا تخطئه النتيجة التي يقدرها، في فكرة متسلسلة وفي سبر واستدراج.
وكان من أثر هذا وقوفه حول صفات الخالق تعالى موقفا