لسائر الصفات الأخرى القائمة بذاته كالعلم والإرادة، وهذه الصفة القائمة بذاته تحكي عنها العبارات والألفاظ، وأن ذلك المعنى القائم بالذات أمر واحد عندهم، ليس بنهي ولا أمر ولا خبر ولا إنشاء ولا غيرها من أساليب الكلام، ويعبرون عنه بالكلام النفسي، وما يحكيه من الألفاظ والعبارات بالكلام اللفظي.
ويقولون أن إيحاءه تعالى الكلام إلى الملائكة هو صورة روحية، غير الصورة التي يوحيها الملك إلى الرسول من البشر.
والرسول يبلغها إلى البشر بصورة أخرى هي كلامهم اللفظي.
وهذه الصور الثلاث حاكية عن ذلك المعنى القائم بالذات، وهو واحد لا يتغير باختلاف صوره وتعدد الحاكي عنه، ولا يصح نسبته إلى غير الله سبحانه وتعالى، ولسنا نريد الدخول في بيان الأدلة لكلا الجانبين لأن مقامنا لا يتسع لذلك.
ورأيه في القرآن أنه حادث على حد قوله في العلم، وأن الله أحدثه وأوجده كما يراه المعتزلة والإمامية، ولا يزيد على ذلك شيئا. نعم هو يجري فيه على سنن قوله بجميع الصفات من أن الله أحدثه، وأنه ليس هو هو ولا غيره، وأنه صفة لا توصف، فقد حكي عنه أنه قال: " إن القرآن لا خالق ولا مخلوق، وأنه لا يجوز وصفه بذلك، لأنه صفة والصفة لا توصف " (1). وهذا بينه الإمام في حديث الحسين بن خالد حين سئل عن القرآن قال: " ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله " (2).