فنجحوا في مهمتهم، فدخلت النصرانية بلاد العرب على أيدي هؤلاء بشكلها النسطوري، ولا سيما في المناطق التي خضعت للنفوذ الفارسي كاليمن وحضرموت والعراق وسواها، ولا يمنع في الأثناء أن يكون تسرب آراء الرواقيين إلى العراق أيضا على أيدي الديصانية على ما سبق.
وعاش هشام في زحمة هذه التيارات، وتجاوب معها وعني بدراستها، والنصوص التي وقفنا عليها غير وافية ببيان آرائه في هذه المواضيع على وجه التفصيل، لذلك نعرض آراءه هنا بتحفظ وتردد. وهي كما يلي:
(1): الجزء كان لنظرية الجوهر الفرد أو الجزء الذي لا يتجزأ التي وضعها (لو سيب) و (ديموقريط) في القرن الخامس قبل الميلاد (1) دوي هائل، فقد فتن بها الفلاسفة، لأنها تحل مشكلة عويصة من مشاكل البحث عن أصل المخلوقات الذي نشأت منه.
وكان لها عند متكلمي الإسلام شأن كبير، فذهب إلى القول به عظماء المعتزلة وسواهم من أهل السنة (2)، كما مال كثير من الشيعة وقالوا بها، قال المفيد: " ولا يجوز على كل واحد في نفسه الانقسام وعلى هذا أهل التوحيد كافة سوى شذاذ من أهل الاعتزال ويخالف فيه الملحدون (3).
والفلاسفة القدماء الذين ذهبوا إلى فكرة الجوهر الفرد قرروا