(3): الطفرة الواقع أن القول بقسمة الأجزاء إلى غير نهاية، أحدث ضجة كبيرة بين المتكلمين، وقوبل منهم بالنقد الشديد، سواء من حيث المخالفة لظواهر القرآن، أو من حيث لزوم لوازم باطلة، ونتج من هذا أن كان هناك مناظرات بين أصحاب هذا القول وبين سواهم من مخالفيهم من القائلين بالجوهر الفرد على التعبير الشائع، ومن أبرز هؤلاء القائلين بالقسمة لا إلى نهاية هشام بن الحكم والنظام، وعرفت أن الأخير أخذ القول بهذا الرأي من الأول: وقد اضطر أصحاب هذا القول إلى إحداث نظرية ثانية كوسيلة للخروج من مأزق إلزامات الخصوم وهي نظرية الطفرة.
وينسب البغدادي إلى النظام أنه أول من قال بها، يقول:
" إن النظام أخذ عن هشام وعن ملحدة الفلاسفة قوله بأبطال الجزء الذي لا يتجزأ، ثم بنى عليه قوله بالطفرة، التي لم يسبق إليها وهم أحد قبله " (1). وحكاية البغدادي أن النظام أول من قال بالطفرة، لم تتأيد بالإثباتات اللازمة، بل نجد الأشعري من جانب ثان يحكي عن هشام القول بالطفرة يقول:
" أصحاب هشام بن الحكم يقولون أن الجسم يكون في مكان، ثم يصير في المكان الثالث من غير أن يمر بالمكان الثاني " (2). والقريب إلى الذهن أن يكون النظام أخذ القول بالطفرة عن هشام كما أخذ عنه القول بقسمة الجزء، لأن هشاما