هذا ولا نعرف مبلغ صحة الحكاية عنه في العلم، لكنها على كل حال قد اشتهرت عنه، وربما كان في حكاية ذلك عنه اختلاط، إذ من الجائز أن يريد من قوله بحدوث العلم غير رأي تلميذه أبي جعفر محمد بن خليل السكاك، فقد قال السكاكية في نفس الموضوع " إن الله عالم في نفسه، وإن الوصف له بالعلم من صفات ذاته، غير أنه لا يوصف بأنه عالم حتى يكون الشئ، فإذا كان قيل عالم به، وما لم يكن الشئ لم يوصف بأنه عالم به، لأن الشئ ليس، وليس يصح العلم بما ليس " (1).
إذ يمكن أن يقصد أن علمه من صفات ذاته وهو عين الذات، غاية ما هناك أن الوصف بالعلم حادث بعد وجود المعلوم، فالحدوث الذي يقصده إنما هو بالنسبة إلى الاتصاف بالعلم لا للعلم نفسه.
وأيا كان فإن صحت نسبة حكاية هذا وغيره. فجائز أن يكون هذا من الآراء التي سبقت إدانته بمذهب الإمام الصادق، وسبقت كذلك توبته الثابتة على نحو ما سبق في نسبة التجسيم إليه.
وفوق ذلك فقد نسب إلى هشام في كيفية علم الله بما تحت الأرض، فقال: إن الله سبحانه علم ما تحت الأرض بالشعاع المتصل الذاهب إلى عمق الأرض، ولولا ملابسته لما هناك بشعاعه لما درى ما هناك (2) ويعلق الجاحظ على هذا فيقول: